قضية لاعب السلة النجداوي تفتح نقاشا حول مفهوم “الوطنية الرياضية

الدكتور ماجد عسيلة 

ستادكم سبورت -أثار قرار الاتحاد الأردني لكرة السلة بإحالة ملف اللاعب زين النجداوي إلى لجنة الانضباط والسلوك، ومن ثم حرمانه من اللعب محليا ودوليا جدلا في أوساط اللعبة، بعد أن ربط الاتحاد قراره برفض اللاعب المتكرر تمثيل المنتخب الوطني الأول للرجال، معتبرا أن “تمثيل المنتخب واجب وطني وشرف لا يقبل التفريط”.

القرار فتح الباب أمام نقاش أعمق حول مفهوم الالتزام الوطني في الرياضة، وحدود العلاقة بين الاحتراف والانتماء، فالمنتخب الوطني يرمز بلا شك إلى شرف تمثيل العلم الأردني ورفع اسم الوطن في المحافل الدولية، لكن في المقابل لا يجوز التسرع في إطلاق الأحكام أو التشكيك أو المزايدة في وطنية أي لاعب لمجرد امتناعه عن الالتحاق بالمنتخب، خصوصا في ظل غياب المعلومات الكاملة عن الأسباب التي دفعته إلى ذلك الموقف.

في عالم الاحتراف تتداخل الاعتبارات الشخصية والفنية والبدنية والعقدية بشكل كبير، فقد يكون لدى اللاعب ظروف خاصة أو تحفظات على آلية إدارة المنتخب أو مشكلات مع الجهاز الفني أو الإداري، أو حتى التزامات احترافية مع ناديه تحول دون تفرغه الكامل للمنتخب في أوقات محددة، كما قد تكون الحالة البدنية أو النفسية عاملا مؤثرا في قراره، وهذه كلها احتمالات مشروعة يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار قبل إصدار قرارات قاسية تمس مستقبل اللاعب وسمعته.

لا اعرف اللاعب ولم التق به في حياتي والأمر الذي استفزني لا يتعلق بزين النجداوي -خاصة وأن هناك العديد من حالات الامتناع للاعبين سابقا لم يتخذ بحقهم أي اجراء-، بل بمبدأ أوسع يجب أن يعاد النظر فيه في ضوء تطور منظومة الاحتراف الرياضي، فقد ولى زمن اعتبار الامتناع عن تمثيل المنتخب “خيانة وطنية”، وحل محله منطق الحوار والشفافية والاحترافية في التعامل مع مثل هذه الحالات، فاللاعب المحترف جزء من منظومة متكاملة، ومن الطبيعي أن يكون له صوت وموقف ورؤية حول ظروف تمثيله لبلاده.

من واجب الاتحاد الأردني لكرة السلة أن يوضح للرأي العام أسباب امتناع اللاعب عن الانضمام إلى المنتخب، احتراما للعدالة والشفافية، ولتفادي أي التباس أو سوء فهم، فربما تكون مبررات اللاعب مقنعة، وربما يكون قراره نابعا من قناعة مؤقتة أو ظروف خارجة عن إرادته.

إن الوطنية لا تقاس بعدد المشاركات الدولية، ولا تختصر بارتداء قميص المنتخب فقط، بل تتجلى أيضا في الالتزام بالقيم، والاحترام المتبادل، والسعي لبناء رياضة أردنية ناضجة تحترم الإنسان قبل الإنجاز.

في النهاية تبقى الرياضة جسرا يجمع لا يفرق، ومساحة حوار قبل أن تكون ميدان منافسة، فكما يليق بالاتحاد الدفاع عن هيبة المنتخب، يليق به أيضا الإصغاء إلى أبنائه بروح الأبوة والمسؤولية، الوطن لا يحتاج إلى قرارات قاسية بقدر ما يحتاج إلى قلوب متفهمة، قادرة على احتواء الخلافات وتحويلها إلى فرص للنضج والتصحيح.

زين النجداوي ابن هذا الوطن والاتحاد مظلته، والحوار هو الطريق الأقصر لحماية الحلم الأردني في الرياضة كما في كل الميادين.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى