اتحاد الكرة يُفرغ بطولة الدرع من مضمونها وعليه تحمِّل نفقات علاج اللاعبين

عاطف عساف
ستادكم سبورت – لم تعد بطولة الدرع تُشبه نفسها، ولم تعد تلك البطولة التي كانت تُشكّل الانطلاقة الحقيقية للموسم الكروي، وتُسهم في إعداد الفرق وتجريب الخطط ومنح اللاعبين فرصة للدخول في أجواء المنافسة.
اليوم، باتت البطولة بالنسبة لكثير من الجماهير والمتابعين واللاعبين والمدربين “بطولة شكلية” تُقام لإكمال الروزنامة فقط، بعد أن أفرغها اتحاد كرة القدم من مضمونها الرياضي والتنظيمي والفني بسبب قرارات غير مدروسة.
بطولة تُقام في غير وقتها!
المبدأ المنطقي لأي بطولة تمهيدية أن تكون في بداية الموسم حتى تمنح الأندية فرصة الاحتكاك وتجهيز اللاعبين قبل انطلاق البطولات الرسمية الكبرى كالدوري والكأس. لكن اتحاد الكرة اتخذ قراراً غريباً بإقامة بطولة الدرع في توقيت غير مناسب، وفي فترة مزدحمة بالاستحقاقات ووسط غياب واضح للاستعدادات الفنية للأندية.
النتيجة كانت بطولة بلا نكهة، وبلا قيمة فنية تُذكر، فقد فقدت هدفها الأساسي: الإعداد للموسم.
العشب الصناعي… كارثة فنية وطبية
الخطأ الأكبر والأخطر كان اصرار الاتحاد على إقامة جميع مباريات البطولة على ملعب واحد ذي أرضية عشب صناعي غير مهيأ لاستضافة منافسات رسمية.
هذا القرار لم يكن فقط ضد المنطق الرياضي، بل ضد أبسط معايير السلامة. فالكل يعرف خطورة الملاعب الصناعية على مفاصل اللاعبين وأربطتهم وعضلاتهم، خصوصاً إذا كانت الأرضية غير مطابقة للمواصفات.
ولم يتأخر الدليل، فقد شهدت البطولة إصابات متكررة بين اللاعبين، بعضها كان مؤلماً وقاسياً، وأدى إلى غياب لاعبين عن فرقهم لفترات طويلة. الإصابات لم تكن “قضاء وقدراً” كما يحاول البعض تصويرها، بل كانت نتيجة بيئة لعب غير صحية فرضها الاتحاد على اللاعبين رغماً عنهم.
من يتحمّل المسؤولية؟
الأندية اعترضت، اللاعبون تحفّظوا، الجماهير انتقدت، لكن الاتحاد أصرّ. واليوم، وبعد وقوع الإصابات وتضرر اللاعبين وأنديتهم، تبرز أسئلة مشروعة:
من يعوض اللاعب الذي خسر رزقه بسبب إصابة كان يمكن تفاديها؟
من يعوض النادي الذي فقد نجماً خلال موسم كامل؟
من يتحمّل مسؤولية إقحام لاعبين محترفين في بطولة لا تتوفر فيها أبسط مقومات الأمان؟
الإجابة واضحة: اتحاد كرة القدم يتحمّل المسؤولية كاملة، وعليه أن يقوم بما يفرضه الواجب الأخلاقي قبل القانوني: التكفل بعلاج اللاعبين المصابين جراء سوء أرضية الملعب، ومراجعة قراراته لضمان عدم تكرار مثل هذه الأخطاء التي تُسيء لكرة القدم الأردنية وسمعة تنظيمها.
بطولة الدرع تحتاج لإنقاذ
إذا كان اتحاد الكرة جاداً في تطوير اللعبة، فعليه إعادة هيكلة البطولة وإعادتها إلى مكانها الطبيعي كبطولة افتتاحية قبل الدوري، وإقامتها على ملاعب عشبية طبيعية مناسبة، وتوزيع مبارياتها بين أكثر من ملعب للحفاظ على جودة التنافس وسلامة اللاعبين.
كرة القدم ليست مجرد “مواعيد تُحدد على ورق”، وليست بطولات تقام “لرفع العتب”. كرة القدم حياة، صحة لاعبين، ومصدر رزق لمئات الأسر. وعلى اتحاد الكرة أن يُدرك أن ما حدث في بطولة الدرع ليس مجرد خطأ تنظيمي، بل تقصير في مسؤولية حماية اللاعبين.
الخلاصة
بطولة الدرع فقدت قيمتها بسبب قرارات الاتحاد، وإقامتها على ملعب صناعي سيئ لم يكن إلا قراراً خاطئاً نهايته كانت سلسلة إصابات مؤلمة. ومن هنا فإن أقل ما يمكن أن يقوم به اتحاد الكرة اليوم هو تحمّل مسؤولياته كاملة والتكفل بعلاج جميع اللاعبين المصابين، مع مراجعة سياساته واحترام الأندية والجماهير واللاعبين قبل أن تفقد كرة القدم الأردنية ما تبقّى لها من احترام.