لماذا تعتكف الدول العربية عن المشاركة في البطولات المدرسية؟

عاطف عساف 

تُعد الدورات والبطولات العربية المدرسية ساحة خصبة لتلاقي الشباب العربي، وتبادل الخبرات الرياضية والثقافية، وتعزيز الروابط بين الأجيال الناشئة. ورغم ما تحمله هذه البطولات من أهداف نبيلة وقيم سامية، فإننا نلحظ في السنوات الأخيرة اعتكاف بعض الدول العربية عن المشاركة فيها، الأمر الذي أثار تساؤلات عدة حول أسبابه ودلالاته.

من أبرز الأسباب التي تُطرح في هذا السياق الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها بعض الدول العربية، إذ تُعتبر الميزانيات المرصودة للأنشطة المدرسية والرياضية محدودة جداً مقارنةً بالاحتياجات الأساسية. وبالتالي، تُعطى الأولوية لقضايا أكثر إلحاحاً، فيما يتم تأجيل أو إلغاء المشاركة في فعاليات خارجية تتطلب تكاليف مالية للسفر والإقامة.

كما تلعب الظروف السياسية والأمنية دوراً مهماً في هذا الاعتكاف، إذ إن بعض الدول تواجه أوضاعاً داخلية غير مستقرة تحول دون إتاحة المجال للمشاركة الخارجية، الأمر الذي ينعكس على مجالات الحياة كافة، ومنها القطاع الرياضي المدرسي.

إلى جانب ذلك، هناك عقبات تنظيمية وإدارية قد تحول دون المشاركة، مثل ضعف التنسيق بين وزارات التربية والتعليم والاتحادات الرياضية المدرسية، أو غياب التخطيط المسبق والجدية في إعداد المنتخبات الطلابية بالشكل الذي يؤهلها للمنافسة.

ولا يمكن إغفال ضعف الوعي بأهمية هذه البطولات، إذ ينظر إليها البعض باعتبارها مجرد نشاط ترفيهي لا يرقى إلى مستوى الأولوية، متناسين أنها تمثل مدرسة ثانية لصقل شخصية الطالب، وتعزيز روح الانتماء، وتبادل الخبرات بين شباب الأمة العربية.

إن التراجع في المشاركة لا يعني بالضرورة ضعف الرغبة، لكنه يعكس حجم التحديات التي تواجه الدول العربية في سبيل تحقيق توازن بين الواقع الصعب والطموح الكبير. ومن هنا تبرز الحاجة إلى إيجاد حلول مشتركة، كتخصيص صندوق عربي لدعم المشاركات المدرسية، أو تعزيز التعاون الثنائي والجماعي بين الدول لتقليل الأعباء المالية والتنظيمية.

أيضا من الصعب إغفال دور الاتحاد العربي للرياضة المدرسية في حث الدول على المشاركة وكذلك ، إيجاد الاستثمار المناسب الذي ينعكس صندوقه، وبالتالي يعفي الدول المستضيفة من تسديد مبالغ طائ٦بدلا من المبادرة بدعمها مالياً.

في النهاية، تبقى الدورات العربية المدرسية مشروعاً وحدوياً يستحق الاستثمار والاهتمام، لأنها تغرس في نفوس أبنائنا قيم الأخوة والتنافس الشريف، وتؤسس لنهضة رياضية عربية تنطلق من مقاعد الدراسة قبل أن تصل إلى ميادين البطولات العالمية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى