أنديتنا بتراء .. تكبر بالمعاضدة وليس بالمعارضة

صالح الراشد

تسير الأندية الأردنية على العموم والمشاركة في دوري المحترفين بكرة القدم بالتخصيص على غير هدى، وفي سنوات محددة تقطف الأندية نتائج عملها غير الممنهج أو المبني على عدم المعرفة وافتقار الخبرات الحقيقية، وقد يكون القطاف السيء بسبب الجهل أو بدوافع شخصية قائمة على البحث للبقاء في المناصب لعدة سنوات قادمة يتم البناء لها بسنوات من التضليل، والعمل على طريقة الأنا المرضية وليس الأنا الجماعية وليس للحفاظ على النادي الصرح والتاريخ والإنجاز، لنجد ان ما وصلت إليه غالبية الأندية كارثي بكل ما تحمله الكلمة من معاني.

والغريب في الأندية أنه لا بواكي لها رغم كثرة من يقولون أنهم أبنائها، لذا لم يتوقف أحد لدراسة المشهد العام بصورة شمولية، واكتفى غالبية الرؤساء وأعضاء الادارات بالنظر عبر زاوية رؤيتهم الخاصة، ليعلن جميع الرؤساء وأعضاء الادارات السابقين برائتهم مما وصلت إليه أنديتهم من ضائقة مالية وابتعاد الجماهير وهبوط في المستوى، ويوجهون سهام الاتهام والنقد صوب آخر العابرين إلى مكتب رئاسة النادي، وسيتم توجية النقد والانتقاد للجالسين القادمين في ذات المقر دون أن نسمع صوتاً حقيقياً ممن مضوا يقول أنا أخطأت، لأن هذه الجملة تحتاج لرجال من نوع خاص يقدمون مصلحة النادي على المصلحة الشخصية وهؤلاء يصعب إيجادهم في عالم يبحث الجميع فيه عن منافسة لاعبيهم في الشهرة.

والغريب العجيب في جميع الأندية ان كل رئيس يروج لنفسه على أنه الأفضل وأنه من صنع التاريخ حتى لو كان لجنة مؤقتة، فيما أعضاء الادارات يلمزون بأنهم سبب رفعة النادي وكل منهم يعتبر نفسه حجر الأساس والرحى إلا من رحم ربي ممن يشاهدون الصورة وينتابهم القلق على مستقبل ناديهم، وزاد من جروح الأندية مجموعات إعلامية ظهرت صدفة كنبت شيطانيّ تنتقد وتشتم مهما كانت القرارات أو النتائج، ولحق بهم العشرات من محللي اللحظة “المضللون” ويعملون على تبني مواقف خاصة يدعمونها بصوت مرتفع وضجيج كبير دون أن يقدم أي منهم ما يؤكد صدق خرافاتهم التي يروجون لها على أنها معرفة.

إن الأندية جمعاء في خطر حقيقي ليس بسبب المستوى الفني لفرق كرة القدم بل بسبب غياب الرسالة المجتمعية والدور الوطني، فالتنافس رياضياً مفتوح وممكن لأي نادي أن يرتقي منصات التتويج بسبب عدم ثبات مستوى أي فريق، ولا يناقش الغالبية هذه الأمور كونهم لا يملكون سعة المعرفة للقيام بعملية التشريح الكاملة لإدراك حجم الكارثة، فيما الكل يدعي أنه إبن النادي ويُنظرون على الآخرين بفنيات كرة القدم والسلة واليد والانتماء والخطوط الحمراء، دون أن نجد في حديثهم السرابي أي حلولا عقلانية قابلة للتطبيق تساعد في الحفاظ والارتقاء برسالة الأندية وتطوير عملها، وغالبية من يغادرون لا يقدمون خدمات لأنديتهم، لنشعر أن الأندية بتراء رغم كثرة العيال كون غالبية من يخرجون من بيت الحكم في هذه الأندية يتحولون لنقاد للإدارة الجديدة، وكان عليهم إذا كانوا من محبي النادي أن يُسقطوا شعار المعارضة ويرفعوا شعار المعاضدة للنادي المشروع الكبير وليس للأفراد.

لقد فشل الكثيرون ممن تولوا المناصب الإدارية والقيادية في الأندية على نقلها لمراكز ريادية في العمل الوطني الرياضي، ولم يقدموا جهداً لجعلها شركات ربحية على غرار الأندية الأوروبية، ليجلسوا على قارعة الطريق أو في المدرجات وربما بالبيوت يتباكون على ما يجري لها باحثين عن شماعات يحملونهم أسباب التراجع، رغم أن العديد منهم لو واجهوا تاريخهم في أنديتهم لوجدوا أنهم طعنوها بعلم أو بجهل، وشاركوا في عملية التدمير سواء أكانوا يقبعون في منصب بالنادي أو بعد أن غادروا، لذا إرحموا الأندية ولا تشعروا عشاقها أنكم مجرد باحثين عن غنائم النادي بل اجعلوهم يدركون أنكم من جدرانها التي لا تسقط.

آخر الكلام:

البتراء: هي الحجة القاطعة أو الخطبة التي لا تبدأ بالبسملة، وفي الأردن مدينة البتراء التي لا مثيل لها، أما البتراء المقصودة في المقال فهي
مؤنث الأبتر وهو المقطوع الذي لا ولد له.
“لا اقصد نادٍ بعينه أو رئيس أو عضو إدارة بذاته”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى